كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَتْ إلَخْ) خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَاسْتَشْكَلَ الْإِسْنَوِيُّ وُجُوبَ الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ وَمَاءِ الْوَرْدِ بِمَا ذَكَرُوهُ فِيمَنْ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِيهِ لِوُضُوئِهِ وَلَوْ كَمَّلَهُ بِمَائِعٍ يُسْتَهْلَكُ فِيهِ كَمَاءِ وَرْدٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّكْمِيلُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ ثَمَنُهُ عَلَى ثَمَنِ الْقَدْرِ النَّاقِصِ فَكَيْفَ يُوجِبُونَ هُنَا اسْتِعْمَالَ مَاءٍ كَامِلٍ وَمَاءَ وَرْدٍ مِثْلَهُ، وَهُوَ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ فَالصَّوَابُ الِانْتِقَالُ إلَى التَّيَمُّمِ، وَأُجِيبَ عَنْهُ بِجَوَابَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ قَدَرَ هُنَا عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ بِالْمَاءِ، وَقَدْ اشْتَبَهَ وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَهُنَاكَ لَمْ يَقْدِرْ إلَخْ الثَّانِي أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ هُنَا فِي مَاءِ وَرْدٍ انْقَطَعَتْ رَائِحَتُهُ وَصَارَ كَالْمَاءِ وَذَلِكَ لَا قِيمَةَ لَهُ غَالِبًا أَوْ قِيمَتُهُ تَافِهَةٌ بِخِلَافِ تِلْكَ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى مَاءِ الطَّهَارَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِعْمَالُهُ لَهُ وَتَيَمَّمَ كَمَا جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ الْمَانِعُ لَا يُرَادُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ سم وَوَجْهُهُ أَنَّ الِاشْتِبَاهَ لَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ إيرَادِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ لَهُ بِعْتُك هَذَا صَحَّ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى مَا إذَا قَالَ لَهُ بِعْتُك هَذَا الْمَاءَ الْوَرْدَ وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا يَصِحُّ بِشْبِيشِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَجْتَهِدُ فِيهِمَا) أَيْ لِلطَّهَارَةِ كَمَا يَأْتِي بِخِلَافِهِ لِلشُّرْبِ فَيَجُوزُ، ثُمَّ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَظَهَرَ لَهُ الْمَاءُ مِنْهُمَا تَطَهَّرَ بِهِ كَمَا يَأْتِي أَيْضًا ع ش.
(قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحٍ أَوْ مَاءٍ وَبَوْلٍ لَمْ يَجْتَهِدْ عَلَى الصَّحِيحِ.
(قَوْلُهُ يَقِينًا) زَادَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي، ثُمَّ يَعْكِسُ، ثُمَّ يُتَمِّمُ وُضُوءَهُ بِأَحَدِهِمَا، ثُمَّ بِالْآخَرِ. اهـ.
(قَوْلُهُ لَا وَاجِبٌ لِلْمَشَقَّةِ) جَزَمَ بِهِ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ لَا يَتَوَضَّأُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا إلَخْ) هَذَا مَمْنُوعٌ مَنْعًا وَاضِحًا بَلْ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ كَالْمُهَذَّبِ مُصَرِّحٌ بِالْجَوَازِ كَمَا بَسَطْنَا بَيَانَهُ بِهَامِشِ شَرْحِهِ لِلْعُبَابِ سم عِبَارَةُ ع ش فَرْعٌ إذَا اشْتَبَهَ الْمُسْتَعْمَلُ بِالطَّهُورِ يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ، وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَرَّةً، وَيُغْتَفَرُ التَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ انْتَهَى فَقَدْ انْكَشَفَ لَكَ أَنَّهُ لَيْسَ مَعْنَى الضَّرُورَةِ تَعَذُّرُ الِاجْتِهَادِ انْتَهَى عَمِيرَةُ وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَوَضَّأَ إلَخْ نَقَلَ ابْنُ حَجّ عَنْ الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ خِلَافَ هَذَا.
أَقُولُ: الْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ عَمِيرَةُ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجّ صَرَّحَ بِمَا قُلْته. اهـ. ع ش، وَتَقَدَّمَ عَنْ الْبَصْرِيِّ اسْتِشْكَالُ مَقَالَةِ الشَّارِحِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ فِيهِمَا كَالْمَاءَيْنِ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ نَعَمْ لَهُ الِاجْتِهَادُ لِلشُّرْبِ إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطُّهْرِ أَنَّهُ يَسْتَدْعِي الطَّهُورِيَّةَ، وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ وَالشُّرْبُ يَسْتَدْعِي الطَّاهِرِيَّةَ وَهُمَا طَاهِرَانِ نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الشُّرْبَ لَا يَحْتَاجُ إلَى اجْتِهَادٍ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الشُّرْبَ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ لَكِنْ شُرْبُ مَاءِ الْوَرْدِ فِي ظَنِّهِ يُحْتَاجُ إلَيْهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) أَسْقَطَ الْمُغْنِي صِيغَةَ التَّبَرِّي، وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَدْ عُهِدَ امْتِنَاعُ الِاجْتِهَادِ لِلشَّيْءِ مَقْصُودًا وَيَسْتَفِيدُهُ تَبَعًا كَمَا فِي امْتِنَاعِ الِاجْتِهَادِ لِلْوَطْءِ، وَيَمْلِكُهُ تَبَعًا فِيمَا لَوْ اشْتَبَهَتْ أَمَتُهُ بِأَمَةِ غَيْرِهِ وَاجْتَهَدَ فِيهِمَا لِلْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَطَؤُهَا بَعْدَهُ لِحِلِّ تَصَرُّفِهِ فِيهَا وَلِكَوْنِهِ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ مَجِيءِ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ فِي الْمَاءِ وَالْبَوْلِ بَعِيدٌ إذْ كَلَامُهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَبَاحَ لَهُ الِاجْتِهَادَ لِيَشْرَبَ مَاءَ الْوَرْدِ، ثُمَّ يَتَطَهَّرَ بِالْآخَرِ وَهَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ هُنَا وَأَيْضًا فَكُلٌّ مِنْ الْمَاءَيْنِ لَهُ أَصْلٌ فِي الْحِلِّ الْمَطْلُوبِ وَهُوَ الشُّرْبُ فَجَازَ الِاجْتِهَادُ لِذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَالْبَوْلِ، فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا اجْتِهَادَ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ كَمَيْتَةٍ وَمُذَكَّاةٍ مُطْلَقًا أَيْ لِلْأَكْلِ وَغَيْرِهِ كَإِطْعَامِ الْجَوَارِحِ بَلْ إنْ وُجِدَ اضْطِرَارٌ جَازَ لَهُ التَّنَاوُلُ هَجْمًا وَإِلَّا امْتَنَعَ وَلَوْ بِاجْتِهَادٍ، وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ مَا فِي التَّوَسُّطِ وَغَيْرِهِ. اهـ.
وَقَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ إلَخْ فِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ مِثْلُهُ.
(قَوْلُهُ مِنْهُ الِاجْتِهَادُ لِلْوَطْءِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَلَوْ اشْتَبَهَ أَمَتَا شَخْصَيْنِ وَاجْتَهَدَ أَحَدُهُمَا فِيهِمَا لِلْمِلْكِ جَازَ، وَثَبَتَ مِلْكُهُ لَهَا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ سَوَاءٌ وَافَقَهُ الْآخَرُ أَوْ نَازَعَهُ وَلَا تُقْبَلُ مُنَازَعَتُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَتَتَعَيَّنُ الثَّانِيَةُ لِلْآخَرِ لِلْحَصْرِ فِيهِ، وَيَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بَعْدَهُ هَذَا إنْ لَمْ يَجْتَهِدْ الْآخَرُ فَإِنْ اجْتَهَدَ وَأَدَّى اجْتِهَادُهُ إلَى عَيْنِ مَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُ الْآخَرِ فَيُتَّجَهُ الْوَقْفُ إلَى أَنْ يَظْهَرَ الْحَالُ أَوْ يَصْطَلِحَا انْتَهَتْ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ، وَتَقَدَّمَ عَنْ ع ش فِي مَبْحَثِ اشْتِبَاهِ مَاءٍ طَاهِرٍ بِنَجِسٍ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَقَامِ.
(قَوْلُهُ وَجَوَازُهُ) أَيْ الْوَطْءِ سم وَكُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِلْمِلْكِ) أَيْ بِقَصْدِ تَمْيِيزِ الْمِلْكِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْوَطْءَ بِالِاجْتِهَادِ، وَإِنَّمَا الْحَاصِلُ بِهِ الْمِلْكُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ثَمَرَتِهِ كُرْدِيٌّ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ.
(وَإِذَا اسْتَعْمَلَ مَا ظَنَّهُ) الطَّاهِرَ مِنْ الْمَاءَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ أَيْ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ (أَرَاقَ) نَدْبًا (الْآخَرَ) إنْ لَمْ يَحْتَجْهُ وَقَيَّدَ بِالِاسْتِعْمَالِ بِفَرْضِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِاسْتِعْمَالِ أَرَادَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الْإِعْرَاضُ عَنْ الْآخَرِ إلَّا بِهِ غَالِبًا فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ نَدْبُ الْإِرَاقَةِ قَبْلَهُ لِئَلَّا يَغْلَطَ وَيَتَشَوَّشَ ظَنُّهُ (فَإِنْ تَرَكَهُ) بِلَا إرَاقَةٍ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ لَمْ يَجُزْ الِاجْتِهَادُ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَكُونَ فِي مُتَعَدِّدٍ حَقِيقَةً فَلَا يَجُوزُ فِي كُمَّيْنِ لِثَوْبٍ مَثَلًا مَا دَامَا مُتَّصِلَيْنِ بِهِ.
وَزَعَمَ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ أَحَدُهُمَا يَنْبَغِي اسْتِعْمَالُ الْبَاقِي بِلَا اجْتِهَادٍ كَالْمَشْكُوكِ فِي نَجَاسَتِهِ نَظَرًا لِلْأَصْلِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ بَابَ الِاجْتِهَادِ تُرِكَ فِيهِ الْأَصْلُ بِالشَّكِّ أَيْ أَصْلُ الطَّهَارَةِ وَأَصْلُ عَدَمِ وُقُوعِ النَّجِسِ فِي كُلِّ إنَاءٍ بِخُصُوصِهِ كَمَا تُرِكَ الْأَصْلُ فِي ظَبْيَةٍ رُئِيَتْ تَبُولُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ، ثُمَّ رُئِيَ عَقِبَ الْبَوْلِ مُتَغَيِّرًا عَمَلًا بِالظَّاهِرِ لِقُوَّتِهِ بِاسْتِنَادِهِ لِمُعَيَّنٍ مَعَ ضَعْفِ احْتِمَالِ خِلَافِهِ، وَإِنْ بَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ وَإِنْ قُلْت لِوُجُوبِ اسْتِعْمَالِ النَّاقِصِ لَزِمَهُ عِنْدَ إرَادَةِ الْوُضُوءِ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ فَإِنْ وَافَقَ الْأَوَّلَ فَوَاضِحٌ (وَ) إنْ (تَغَيَّرَ ظَنُّهُ) فِيهِ (لَمْ يَعْمَلْ بِالثَّانِي) مِنْ ظَنَّيْهِ (عَلَى النَّصِّ) لِئَلَّا يَنْقُضَ الِاجْتِهَادَ بِالِاجْتِهَادِ إنْ غَسَلَ جَمِيعَ مَا أَصَابَهُ الْأَوَّلُ أَوْ يُصَلِّي بِيَقِينِ النَّجَاسَةِ إنْ لَمْ يَغْسِلْهُ وَالْتِزَامُ الْمَخْرَجِ الْأَوَّلِ قِيَاسًا عَلَى الْقِبْلَةِ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ أَحَدَ هَذَيْنِ الْفَسَادَيْنِ لَا يَأْتِي فِي الْعَمَلِ بِالثَّانِي فِيهَا لِاحْتِمَالِ الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ لِلصَّوَابِ كَالْأُولَى فَلَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ نَقْضُ اجْتِهَادٍ أَصْلًا، وَأَخَذَ الْبُلْقِينِيُّ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ غَسَلَ بَيْنَ الِاجْتِهَادَيْنِ جَمِيعَ مَا أَصَابَهُ بِمَاءٍ غَيْرِهِمَا عَمِلَ الثَّانِي إذْ لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ وَحِينَئِذٍ هُوَ نَظِيرُ مَسْأَلَةِ الْقِبْلَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْإِعْرَاضُ عَنْ الظَّنِّ الثَّانِي، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ فَلَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ وَوُضُوءُهُ الْأَوَّلُ بَاقٍ صَلَّى بِهِ وَلَا نَظَرَ لِظَنِّهِ نَجَاسَةَ أَعْضَائِهِ الْآنَ لِمَا عَلِمْت مِنْ إلْغَاءِ هَذَا الظَّنِّ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الْفَسَادِ الْمَذْكُورِ (بَلْ يَتَيَمَّمُ) بَعْدَ نَحْوِ الْخَلْطِ لَا قَبْلَهُ كَمَا مَرَّ (بِلَا إعَادَةٍ) حَيْثُ لَمْ يَغْلِبْ وُجُودُهُ فِي مَحَلِّ التَّيَمُّمِ (فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَ طَاهِرٍ بِيَقِينٍ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ مَعَهُ طَاهِرًا بِالظَّنِّ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِهَذَا الظَّنِّ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الْفَسَادِ كَمَا تَقَرَّرَ.
تَنْبِيهٌ:
مَا قَرَّرْت بِهِ الْمَتْنَ مِنْ فَرْضِ قَوْلِهِ وَتَغَيَّرَ ظَنُّهُ فِيمَا إذَا بَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ، إنَّمَا هُوَ لِيَأْتِيَ عَلَى طَرِيقَتِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ إلَّا فِي مُتَعَدِّدٍ وَمِنْ التَّقْيِيدِ بِنَحْوِ الْخَلْطِ إنَّمَا هُوَ لِيَصِحَّ قَوْلُهُ بِلَا إعَادَةٍ لِمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بَلْ يُخْلَطَانِ، ثُمَّ يَتَيَمَّمُ إنَّ شَرْطَ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ تَلَفُهُمَا أَوْ تَلَفُ أَحَدِهِمَا، وَأَمَّا اشْتِرَاطُ أَنْ لَا يَغْلِبَ وُجُودُ الْمَاءِ فَمَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِهِ فِي التَّيَمُّمِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ، وَأَنَّهُ يَصِحُّ تَخْرِيجُ كَلَامِهِ عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ أَيْضًا مِنْ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ مَعَ عَدَمِ التَّعَدُّدِ، وَأَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ عَلَيْهَا فِي عَدَمِ الْإِعَادَةِ إلَى تَقْيِيدٍ بِنَحْوِ خَلْطٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ إلَّا إنَاءٌ وَاحِدٌ فَلَا طَهُورَ مَعَهُ بِيَقِينٍ هَذَا كُلُّهُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ فِي الْأَصَحِّ فَمَعَ النَّظَرِ إلَيْهِ يَتَعَيَّنُ تَخْرِيجُهُ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ مَعَ نَحْوِ الْخَلْطِ الْمُشْتَرَطِ عَلَى رَأْيِ الْمُصَنِّفِ بَلْ مَعَ وُجُودِ وَاحِدٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ بِالظَّنِّ.
وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ تَخَالُفَهُمَا فِي الْإِعَادَةِ فَهِيَ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ لَا تَجِبُ وَعَلَى طَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ تَجِبُ؛ لِأَنَّ مَعَهُ طَهُورًا بِيَقِينٍ غَفْلَةً عَنْ وُجُوبِ تَقْيِيدِ مَا أَطْلَقَهُ هُنَا بِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْخَلْطَ أَيْ أَوْ نَحْوَهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ وَهَذَا الَّذِي سَلَكْتُهُ فِي تَقْرِيرِ عِبَارَتِهِ مِنْ التَّفْصِيلِ أَوْلَى مِمَّا وَقَعَ لِلْمُتَكَلِّمِينَ عَلَيْهِ مِنْ إطْلَاقِ بَعْضِهِمْ تَخْرِيجَ كَلَامِهِ عَلَى الرَّأْيَيْنِ وَبَعْضُهُمْ حَصَرَهُ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْمَاءِ وَالْبَوْلِ أَنَّ شَرْطَ الِاجْتِهَادِ أَيْضًا أَنْ يَتَأَيَّدَ بِأَصْلِ حِلِّ الْمَطْلُوبِ فَلَا يَجْتَهِدُ عِنْدَ اشْتِبَاهِ خَلٍّ بِخَمْرٍ أَوْ لَبَنِ أَتَانٍ بِلَبَنٍ مَأْكُولٍ أَوْ مُذَكَّاةٍ بِمَيْتَةٍ وَمِمَّا سَيَذْكُرُهُ فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ أَنَّ شَرْطَهُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ لِلْعَلَامَةِ فِيهِ مَجَالٌ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجْتَهِدْ فِي صُورَةِ اخْتِلَاطِ الْمُحَرَّمِ الْآتِيَةِ.
ثُمَّ وَمِمَّا قَدَّمْتُهُ فِي الْمُتَحَيِّرِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلْعَمَلِ بِهِ ظُهُورُ الْعَلَامَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِمُجَرَّدِ الْحَدْسِ وَالتَّخْمِينِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا شَرْطًا لِلْعَمَلِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ إذَا وُجِدَتْ اجْتَهَدَ، ثُمَّ إنْ ظَهَرَ لَهُ شَيْءٌ عَمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا فَمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ مِنْ أَنَّ الْأَخِيرَ شَرْطٌ لِلِاجْتِهَادِ أَيْضًا غَيْرُ مُرَادٍ وَعَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ اشْتِرَاطُ كَوْنِهِمَا لِوَاحِدٍ، وَإِلَّا تَطَهَّرَ كُلٌّ بِإِنَائِهِ كَمَا فِي إنْ كَانَ ذَا غُرَابًا فَهِيَ طَالِقٌ وَعَكْسُهُ الْآخَرُ وَلَمْ يُعْلَمْ فَإِنَّ زَوْجَةَ كُلٍّ تَحِلُّ لَهُ وَرُدَّ بِأَنَّ الْوَطْءَ يَسْتَدْعِي مِلْكَ الْوَاطِئِ لِلْمَحَلِّ، وَالْوُضُوءُ يَصِحُّ بِمَغْصُوبٍ وَأَوْضَحُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِي الْأَبْضَاعِ فَأَبْقَيْنَا كُلًّا عَلَى أَصْلِ الْحِلِّ إذْ لَا نِيَّةَ ثَمَّ تَتَأَثَّرُ بِالشَّكِّ، وَهُنَا لَهُ مَجَالٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَصِحُّ مِنْ كُلٍّ النَّظَرُ فِي الطَّاهِرِ مِنْهُمَا فَوَجَبَ لِتَأَثُّرِ النِّيَّةِ بِالشَّكِّ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ لَزِمَهُ عِنْدَ إرَادَةِ الْوُضُوءِ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ) يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لِدَلِيلِ الِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ أَوْ قَامَ عِنْدَهُ مُعَارِضٌ أَمَّا لَوْ كَانَ ذَاكِرًا لَهُ وَلَا مُعَارِضَ فَلَا يَبْعُدُ جَوَازُ اسْتِعْمَالِهِ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الِاجْتِهَادِ اسْتِصْحَابًا بِالْحُكْمِ الِاجْتِهَادَ الْأَوَّلَ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ لَوْ كَانَ أَتْلَفَ الْآخَرَ.
وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ وَاحْتَاجَ لِلْوُضُوءِ وَهُوَ ذَاكِرٌ الدَّلِيلَ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ لَمْ يَبْعُدْ أَيْضًا جَوَازُ التَّطَهُّرِ بِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ اجْتِهَادٌ فِي غَيْرِ مُتَعَدِّدٍ إذْ لَيْسَ هُنَا اجْتِهَادٌ جَدِيدٌ بَلْ اسْتِصْحَابُ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ لَمْ يُعْمَلْ بِالثَّانِي إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لِلْأَعْمَى الْمُتَحَيِّزِ تَقْلِيدُ الْبَصِيرِ فِي اجْتِهَادِهِ الثَّانِي الْمُتَغَيِّرِ بِهِ، وَالْعَمَلُ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ قَلَّدَهُ فِي الْأَوَّلِ، وَعَمِلَ بِهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ قَلَّدَهُ فِيهِ أَوْ قَلَّدَهُ فِيهِ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَصِيرَ إنَّمَا لَمْ يَعْمَلْ بِالثَّانِي الْمُغَيَّرِ لِمَانِعٍ هُوَ لُزُومُ نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ، وَهَذَا الْمَانِعُ مَفْقُودٌ فِي حَقِّ الْأَعْمَى.
وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْأَوَّلَ أَوْ بَعْضَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا يَأْتِي فِي الْبَيْعِ ثُمَّ اجْتَهَدَ ثَانِيًا، وَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ إلَى طَهَارَةِ الثَّانِي أَنْ يَصِحَّ بَيْعُهُ أَيْضًا وَهَلْ يَحِلُّ لَهُ أَكْلُ الثَّمَنَيْنِ الْقِيَاسُ حِلُّ ذَلِكَ ظَاهِرًا وَفِي حِلِّهِمَا مَعًا بَاطِنًا نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ حُرْمَةُ أَحَدِهِمَا ظَاهِرًا أَيْضًا لَا يُقَالُ إذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ صَحَّ بَيْعُ الْأَوَّلِ قَبْلَ التَّغَيُّرِ وَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ ثَالِثٌ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ التَّغَيُّرُ فَلْيُتَأَمَّلْ.